سبق وكتبنا في مقالتنا {وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ} النجم 45، علاقة ازواج الكائنات الحية بازواج الكروموسومات، فعندما ظن علماء الأحياء بأنهم اكتشفوا سر الخلق على شكل ال دي ان اي وأن كل شيء تطوّر لوحده، سبقهم تعالى بقرون وأعلن ملكيته لهذا الخلق بقوله سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ، ثم رفع تعالى مستوى التحدّي فقال وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، اي انها تشمل الكائنات الحية كالحيوان والنبات بالاضافة الى الجماد! فهل للخشب والحجر ازواج؟
وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
في البداية، كانت هناك الذرة، ثم اكتشف العلماء انها تحتوي على البروتونات (موجبة الشحنة) والنيوترونات (متعادلة الشحنة) وهناك الكترونات (سالبة الشحنة) والتي تدور حولها.


في النصف الثاني من القرن الماضي، طوّر العلماء مصادمات كلّفت المليارات من الدولارات قاموا من خلالها باحداث تصادم بين البروتونات بما يقارب سرعة الضوء، نتيجة التصادم ادّت الى اكتشاف جسيمات لم تكن معروفة في السابق وهي المكوّنات الأساسية للبروتونات والنيوترونات.








المصادمات الذرية وأهمها الـ Hadron Collider أثبتت بدورها الفرضيات السابقة بوجود جسيمات أو مكونات للبروتونات والنيوترونات فيما يعرف بـ النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات حيث تبين أن هناك مكونات اصغر من البروتونات والموضحة في الجدول التالي باللونين النهدي (كوارك) والأخضر (ليبتون) وعددها 12.



كما ويفيد النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات أن لكل جسيم أعلاه ضدّ، فمثلا، هناك مخالف للإلكترون يسمى مخالف-الكترون أو بوزيترون وهناك ميون ومخالف-ميون وهناك تاو ومخالف-تاو، كما هو مبين في الجداول السابقة.
بعد هذا الاكتشاف الهائل، يترك لنا الله بصمته في هذا الخلق ويقول
وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) – الذاريات
وتفسيرها في كتب التفسير قبل 1400+ سنة: أن الله تبارك وتعالى، خلق لكلّ ما خلق من خلقه ثانيا له مخالفا في معناه، فكلّ واحد منهما زوج للآخر، ولذلك قيل: خلقنا زوجين. وإنما نبه جلّ ثناؤه بذلك من قوله على قُدرته على خلق ما يشاء خلقه من شيء – مجاهد
حتى التفسير فيه معجزة، فمصطلح “مخالفا في معناه” يتطابق بشكل مباشر ودقيق مع كلمة anti في اللغة الانجليزية مثل anti-tau, anti-muon, anti-electron، إذ يصف حال المادة بغاية الدقة، وكأن المفسر وصف هذا الخلق أونُقل اليه أو أنه شارك في البحث العلمي!
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } وتفسيرها وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه { إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى } يقول: ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه.
بقلم: حسين أحمد كتّاب